من شر بعض أبنائك، ورجس الأيام، وفعل الزمن سبقتني دموعي قبل كلماتي وأنا أكتب هذا المقال من شدة الحيرة وكم الهواجس التي تنتابني بين الحين والآخر، وفي حقيقة الأمر لا استطيع أن أخفي قلقي علي مستقبل بلادي، بعدما تلاحقت الأمواج، وازداد ارتطامها وتلبدت السماء بالغيوم وأصبحت الصورة ضبابية، وافتقدنا الرؤية والقدرة علي التركيز، وأصبحت لا أدري الي أين يقودنا المجلس الأعلي للقوات المسلحة، والي أين تسير بنا سفينة الوطن؟
فعلي الرغم من الموقف التاريخي المجيد »للجيش« لاحتضانه الثورة في مهدها والذي ساعد علي نجاحها- والفرحة الغامرة التي حلت علي الشرفاء من أبناء الوطن- والتي كانت كابوسا مفزعا علي المنتفعين من النظام الفاشي البائد- هذا النظام الذي لبس ثوب الشيطان وأصبح كل شيء عنده مباحا من اصغر الذنوب الي أبشع الكبائر في سبيل بقائه علي سدة الحكم. نظام اعتبر المصريين قطعانا من الغنم ومن يخالف القطيع يضرب بالعصا لكي يواكب بقية الغنم- نظام تغلب علي الشيطان وطرحه أرضا، وتفوق عليه للدرجة التي اذا عجز الشيطان عن دخول مكان ارسل هذا النظام بدلا منه!! نظام كانت نعاله القذرة جاثمة فوق صدورنا والتي لم يكن لنا اختيار لأصحابها- نظام انتزع من قلوب المصريين حبهم وانتماءهم للوطن بعد أن سقاهم كؤوس الذل والمهانة- حتي هبت ثورة ٥٢ يناير المجيدة شعلة السماء المقدسة التي ألفت بين قلوب المصريين وأصبحوا علي قلب رجل واحد في مواجهة هذا الفرعون الذي تجبر وتكبر وقال: »أنا ربكم الأعلي والأنهار تجري من تحتي« فأجراها الله من فوقه وأغرقه.
و توسمنا خيرا في المجلس الأعلي للقوات المسلحة في أننا مقبلون علي حياة ديمقراطية جديدة - تلك المنظومة السحرية التي تصنع مجتمعا قويا صلبا، شعاره ودينه العدل والمساواة والانتاج والعمل وتكافؤ الفرص للجميع، جميع من يعيش تحت سماء الوطن ويدب علي أرضه بغض النظر عن جنسه ودينه ولغته ولونه ورأيه وعقيدته هلل شباب الثورة وحلموا كثيرا وبنوا لأنفسهم عالما جميلا في خيال العقول واذا بهم يفيقون علي واقع مؤلم مرير، طموحاتهم زائفة، وأحلامهم واهية ومبادئهم محطمة ومطالبهم لا تتحقق الا بمليونية في ميدان التحرير- واحتارت عقولهم في سرسوب الاصلاح البطئ الذي ينتهجه المجلس الأعلي للقوات المسلحة ومن عدم اعتقال من أفسدوا الحياة السياسية في مصر من بداية الثورة والتي بسببها قامت الثورة.
هذا التقاعس المريب اعطي الفرصة لزبانية النظام البائد أن ينظموا صفوفهم ويستردوا عافيتهم للعبث بمقدرات الوطن، واطفاء وهج الثورة المقدسة وأصبحنا لا ندري ولا نجد تفسيرا لهذا الغموض في ترك مثلث برمودا »صفوت وعزمي وسرور« لأن يتحركوا بهذه الحرية وكأنهم أيضا لم يرتكبوا جرما في حق الوطن وكأنهم لم يساهموا في الثورة المضادة.
ومن هنا سبقت دموعي كلماتي خوفا من بركان هادر لاحق يأخذ الأخضر واليابس خاصة اذا نجح عمرو موسي في الانتخابات الرئاسية واحتل اصحاب المال من زبانية الحزب البائد أغلب مقاعد البرلمان هنا أزفت الآزفة ووقعت الواقعة وأصبح الشعب والجيش يدان وليس يدا واحدة وهذا ما لا نريده للوطن أو أن يسير للخلف ونتمني أن يصدر قانون بحرمان رموز الحزب البائد من الترشح لأي انتخابات لمدة ٤ سنوات حتي يتطهروا ويخلو جلباب الشيطان واذا لم يتحقق هذا فلنرفع أيدينا الي السماء فليس لنا في هذا الواقع المؤلم والمستقبل المظلم الا أن نرفع ايدينا الي السماء فليس لنا في هذ التقاعس الا أن نتمسك بحقوقنا ولا نلين فليحفظكي الله يا مصر من شر بعض أبنائك ورجس الأيام وفعل الزمن.
0 التعليقات:
إرسال تعليق